آلاف الطلبة مشكوك بصحة صدور وثائقهم ...شهادات أكاديمية مزورة: مكاتب تحوّل الدراسة الى تجارة
14-يونيو-2021

يقصد الكثير من العراقيين إلى خارج البلاد لأجل الدراسة، ليس لأجل العلم بل لأجل الشهادة مهما كان ثمنها، واحيانا تُدفع الأموال من أجل الحصول عليها، من أجل لقب أو جاه وامتيازات في الراتب.
وفي الكثير من الحالات، يتخرج الطالب سواء في داخل العراق وخارجه من جامعات رصينة تمنح شهادات شكلية لا قيمة علمية لها، لكنها في العراق تصبح ذات أهمية كبيرة وسلما الى المناصب والامتيازات اذا كان الطالب مسنودا من جهات متنفذة.
وقال عضو لجنة التربية والتعليم النيابية، رياض المسعودي، إن 90% من الشهادات الممنوحة لطلبة الدراسات العليا من خارج العراق غير حقيقية.
وأوضح المسعودي، إن هناك شهادات حصل عليها حاملوها من خلال الأموال وعن بعد ومن جامعات غير معترف بها.
وباتت رحلة الدراسة إلى الخارج عملية تجارية بحتة تقوم بها مكاتب تقدم العروض المختلفة، وغالبا ما يكون الزبائن من الطلاب من أصحاب المستويات العلمية المتدنية .
و يختار الطالب العراقي وبتشجيع من الاهل الدراسة خارج البلاد بعدما فشل في الحصول على مقعد في الكليات المرغوبة.
ويندفع الطالب وراء هذا الحلم الذي يريد من وراءه تأمين مستقبل افضل، فيما يرى اخرون فيه فرصة للهجرة، حتى اذا لم ينل الشهادة الاكاديمية التي ينتظرها منه أهله.
وتعتبر دول مثل اوكرانيا وروسيا ودول جنوبي شرق اسيا من اهم البلدان التي تتعاقد المكاتب في العراق مع جامعاتها ومعاهداتها للدراسة.
ويقول حسين كرم وهو طالب دراسات عليا في أوكرانيا ان الدراسة تكلّف اهله مبالغ طائلة.
ويعترف حسين بأن الكثير من الطلّاب الذي درسوا معه رجعوا إلى العراق بعدما فشلوا فشلًا ذريعًا، بينما آثر آخرون الانتقال إلى دول اوروبا الغربية بعد الاتفاق مع مهربين، حتى من دون علم أهلهم.
ويشير أكاديميون إلى أن سفر الطالب على نفقته الخاصة يتيح له حرية أكثر لفعل ما يراه مناسبًا، حتى وان اضطره الأمر إلى ترك الدراسة، متناسيًا تضحيات اهله.
من جانبه قال الدكتور أحمد البلداوي، إن هناك جهات سياسية تعمل في العراق على تهديم التعليم الحكومي للدفع باتجاه التعليم الأهلي والذي اصبح باب للتجارة في الكليات الاهلية”.
وأضاف ان “اغلب المسؤولين العراقيين ورجال الاعمال وسياسيين لاتوجد لديهم شهادات جامعية وقامو بشرائها من الكليات الاهلية”، مشيرا الى ان “بعضهم دفع قصد الكلية الاهلية ولايتواجد او يدرس في الجامعة ويسلم الشهادة الجامعية تؤيد تخرجه منها”.
وأوضح ان “غالبيتهم لاتوجد لديهم حتى دفاتر امتحانية في الجامعة الاهلية التي اعلن تخرجه منها”، لافتا الى ان “هؤلاء يتحكمون باغلب المناصب في الوقت الحالي ويديرون جامعات أهلية بالبلاد”.
وأضاف: أصبح معلومًا أن الانهيار في العراق شمل مناحي الحياة كلها، لكنه في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي كان أفجع وأشدّ، حيث يبدأ بفجيعة الشهادات المزورة.
وأقرت من جانبها، سعاد ناجي العزاوي، الأستاذة المشاركة والاستشارية في الهندسة البيئية وعميدة كلية ورئيسة جامعة خاصة سابقا، بألم كبير بأن “التعليم العالي في العراق يعاني تدهورا كبيرا تمكن ملاحظته من خلال خروج معظم الجامعات العراقية من مؤشرات الرصانة العلمية العالمية للجامعات”،
وتعزو العزاوي تدهور التعليم إلى عدم تلبية الجامعات العراقية المتطلبات العالمية العامة والخاصة لاعتماد الشهادات من مساحات الأبنية والخدمات والمختبرات والأجهزة ونسبة حملة الدكتوراه إلى عدد الطلبة وغيرها من الشروط. أما الجامعات الخاصة فمعظمها تمنح الشهادات لمن يدفع بعيدا عن الأداء ونزاهة الامتحانات والمعايير المطلوبة لتقييم الكفاءة.
وكشف مكتب المفتش العام في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن أن العدد الإجمالي للوثائق الدراسية التي قدمها الطلبة للقبول في الكليات والمعاهد بلغ 4790 وثيقة مزورة، فيما بلغ عدد الوثائق المزورة المقدمة لأغراض التعيين 1898 وثيقة لغاية الثلاثين من شهر سبتمبر 2019.
وأوضح أن هناك الآلاف من الطلبة مشكوك في صحة صدور وثائقهم الدراسية،