أربعة مشاريع تغير نظرة مجتمع نحو القطاع الخاص
21-مارس-2023

في العراق تسيطر النظرة السلبية تجاه اقتصاد هذه البلد الريعي الذي يعتمد في موازناته على النفط بنسبة تتجاوز 90%. وربما من ينظرون إليه هذه النظرة محقون بسبب الإعلام الذي ينقل كل ما هو سلبي ومتشائم، من دون أن يراعي سمعة بلده اقتصاديا واستثماريا، وليس أقلها وجود البطالة، وجيش الخريجين والعاطلين عن العمل فقط لأن الكثير منهم يرغبون أن ينخرطوا في وظائف حكومية هاربين من كل شيء له علاقة بالقطاع الخاص وهذا هو -أي القطاع الخاص- الجانب المشرق من الحقيقة التي سنبينها من خلال عرض أربعة مشاريع قائمة وتشغل العديد من الأيدي العاملة العراقية.
أول هذه المشاريع التي بإمكان المستثمرين السير على منوالها هي مشروع (ماء الكوثر) الذي تنتجه شركة جوهرة العين لإنتاج المياه المعدنية بمواصفات عالمية. فعلى الرغم من أن منتجات المياه متوافرة بالعراق بشكل كبير حتى أن شركاته تتعدد بصورة يصعب إحصاؤها، فعليه لا بد من أن تتوفر الجودة على حساب الكمية، وهذا ما لمسناه بالفعل حينما تجولنا في أروقة هذا المشروع حيث استخدام أكثر التقنيات حداثة في تعقيم المياه وتنقيتها التي تسحب من مناطق معينة من نهر دجلة.
وحينما سألنا القائمين على معمل إنتاج المياه قالوا لنا إنه يعمل وفق نظام الاوتوماتيك مما يضمن عدم مس الايدي وبالتالي الحصول على نظافة وتعقيم مضمومنين وفق 7 خطوات، ونحن هنا لسنا بصدد ذكر العديد من مميزات هذه المياه من احتوائها على معادن مهمة لجسم الانسان، لكن ما يهمنا أن نذكره أن هذا المشروع يوفر وحده العشرات من فرص العمل للشباب، حتى الخريجون منهم.
ومن المشاريع الاستثمارية الأخرى التي توفر فرص عمل للأيدي العراقية والتي تساعد في الوقت نفسه على فتح مشاريع صغيرة للطامحين نذكر (فندق كربلاء ريحان) الواقع في قلب مدينة كربلاء المقدسة وبنظام 5 نجوم. إذا يتكون هذا الفندق من 15 طابقا تحتوي بمجملها على 200 غرفة وجناح.
والسؤال هنا هو كيف يمكن لمشروع فندق أن يوفر العديد من فرص العمل وفتح مشاريع صغيرة أخرى؟
والجواب بسيط: ففي ما يتعلق بالأيدي العاملة هنالك إداريون وطباخون ومنظفون ومستقبلون كلهم من الأيدي العاملة العراقية في هذا الفندق الضخم الذي يوفر إقامة مريحة بغرف فسيحة وإطلالات مميزة على المزارات المقدسة، ومن خلال إقامتي بهذا الفندق المتكامل الخدمات من حيث الحدائق والمتنزهات والمقاه وتوفير حمانات الساونا والمغربية.
ولأن العراق بلد ولّاد بالمشاريع لكن -كما قلنا سابقا- الإعلام الأصفر هو المسيطر على بث سلبياته للمواطنين، فهنالك مشروع مهم ويعتبر المنقذ لنحو 2000 عائلة عراقية ألا وهو مشروع (مدينة الزعفران)، فهو مجمع سكني يشتمل على 1904 وحدات سكنية، خصصته الشركة المالكة للمواطنين والموظفين على حد سواء.
ففي هذا الفضاء الواسع من المرافق التجارية والبنى التحتية وملاعب ومواقف سيارات ترى أن العراق ما يزال بخير وأن العمل مستمر لصنع فرص العمل للعاطلين عبر هكذا مشاريع استثمارية، فعلى الرغم من المشروع تنفذه شركة تركية بإشراف أخرى إماراتية لإكماله يمواصفات عالمية، لكن المالكين للمشروع اشترطوا الإتيان بعمالة عراقية وخلق أمل لأقرانهم بحثهم على الاعتماد على القطاع الخاص.
وإذا أردنا الحديث عن القطاع الخاص من ناحية استثنائية وعملاقة لأحد المشاريع في العراق فلا يمكن بأي حال من الأحوال التغاضي عن (مول بغداد) التحفة المعمارية الأضخم بالعراق والأوسع مساحة فهو يقع على أرض مساحتها 18 ألف متر مربع بأرقى مناطق العاصمة وهي الحارثية.
ففضلا عن كون هذا المول يوفر فرص العمل للطموحين من مختلف شرائح المجتمع العراقي لكنه في الوقت نفسه يعد متنفسا للعوائل لاحتوائه على ممشى فيه محال ومعارض لأرقى الماركات العالمية، فضلا عن المطاعم.
وليس المول وحده من يوفر ذلك بمساحته الكبيرة لكن حينما يرافقه فندق خمس نجوم يتكون من 33 طابقا، فهذا الفندق الذي يحتوي على مهبط للطائرات الهليكوبتر سوف يفتتح قريبا.
والجميل في هذا المشروع الاستثماري أن فيه
ملحقا على ارض معرض بغداد الدولي يربطه منشى كهربائي بجمالية تسحر العيون، فساحته الشاسعة ومنظر برجه جعله مقرا لاحتضان مناسبات عديدة ولاسيما أعياد رأس السنة، ومن هنا لا نبالغ إذا قلنا إن مول بغداد هو واجهة العاصمة التجارية.
وعلى ما ذكرناه في التقرير نحتاج حتما إلى هكذا مشاريع لإنقاذ واقعنا الاقتصادي من الاعتماد على الريع، وهذا لن يتم عبر التجار ورجال الأعمال والمستثمرين فحسب؛ بل يحتاج إلى تعاون من الحكومة لتسهيل الفرص الاستثمارية من أجل العراق والعراقيين.