أزمة حقيقية لا تقل خطراً عن الإرهاب...انتقادات لإهمال الحكومات المتعاقبة وانشغال القوى السياسية عن شح المياه
10-مايو-2022

الجفاف في العراق يعتلي صدارة الأزمات التي يعاني منها هذا البلد والتي لا تكاد تنتهي، خصوصا في هذه المرحلة الحرجة التي انحسرت فيها مياه نهري دجلة والفرات وتعرضت بعض البحيرات إلى الجفاف الكامل، وذلك وسط انتقادات وجهها خبراء مختصون ومواطنون للقوى السياسية لانشغالها بقضية تشكيل الكتلة الأكبر وتقاسم المناصب وطرح المبادرات دون تضمينها ما يعالج قضية شح المياه والخطر الذي يهدد الثروة الحيوانية والزراعية.
المراقب للشأن البيئي يوسف سلمان، دعا جميع القوى السياسية والحكومات المتعاقبة الى الإقرار بالفشل والمسؤولية في إهمال ملف المياه والتصحر وإيصال العراق الى ما وصل إليه من تصحر وجفاف للانهر، مشددا على ان العراق يواجه أزمة وخطراً حقيقياً لا يقل عن خطر الإرهاب وتفشي المخدرات والأمن الغذائي مع غياب المعالجات الواقعية.
وقال سلمان إن “قضية التصحر والمياه هي ملفات شائكة وحساسة لا تقل خطورة عن ملف الصراعات السياسية الذي انشغلت به الكتل”، مبيناً أن “مشكلة المياه ليست وليدة اليوم، وهناك تحذيرات وتقارير دولية أطلقتها مختلف الجهات المحلية والإقليمية بأن العراق مقبل على كارثة بيئية وأزمة تصحر، وهو موضوع لا يبتعد عن الملف السياسي”.
وأوضح، أن “المبادرات التي أُطلقت على مدى الحكومات المتعاقبة وليس فقط الآن، كانت خجولة وتركزت على الجوانب السياسية والامنية، وأغلبها لم تقدم رؤية حقيقية لمعالجة وضع الاقتصاد العراقي والنهوض بالقطاعات البيئية ومعالجة ملف المياه وكان التلكؤ والإهمال لهذه الملفات هي السمة الأبرز لجميع المبادرات”.
وتابع أن “الإهمال تتحمله جميع الحكومات دون استثناء، كونها تغاضت وتباطأت كثيرا في معالجة ملف المياه والبيئة وتم ركنه جانبا، وجميع الحلول المطروحة من وزارة الموارد المائية فهي معالجات خجولة، ولا ترقى إلى مستوى الطموح وجاءت متأخرة وكان من المفترض ان يكون هذا الملف اولوية قصوى لجميع الحكومات”.
وشدد على أن “ملف المياه لم يلقَ أولوية من جميع القوى السياسية، ولم يتم وضع هذا الملف ضمن الحوارات وشروط تشكيل الحكومة المقبلة”.
وتابع أن “العراق يواجه أزمة وخطرا حقيقيا لا يقل عن خطر الإرهاب وتفشي المخدرات والأمن الغذائي، ولم نجد أي معالجات حقيقية، والعراق سيكون على حافة الهاوية في السنوات المقبلة نتيجة غياب التخطيط المسبق لمعالجة هذا الملف وقضية الايرادات المائية وحصة العراق من نهري دجلة والفرات وقضية التصحر التي ما زالت جميعها تراوح في مكانها دون حلول حقيقية يلمس منها المواطن نتائج ايجابية وتقدم في الاجراءات في وقت ان هذا الملف أصبح عالميا وبنهج مدروس وبرامج واقية لمعالجة التصحر وازمة المياه”، داعيا الجميع الى “الإقرار بالفشل والمسؤولية في اهمال ملف المياه والتصحر وايصال العراق الى ما وصل إليه من تصحر وجفاف الأنهار“.
وإلى جانب تحذيرات البيئيين، حذّر مواطن في محافظة ميسان، من حدوث ثورة شعبية في حال استمرار الإهمال للوضع الصعب الذي تعيشه محافظات الوسط والجنوب نتيجة التصحر وجفاف الأنهار وما نجم عنه من انحسار المناطق الزراعية وموت المواشي والحقول.
وشهد العراق مؤخراً، تراجعاً كبيراً في مناسيب نهري دجلة والفرات، خاصة في المحافظات الجنوبية، مما دفع بمنظمات حقوقية ونقابات إلى التحذير من آثار كبيرة على القطاع الزراعي واحتمال توقف بعض محطات مياه الشرب في تلك المحافظات.
سبب هذه المشكلات في شح المياه، هو “سياسة تركيا وإيران”، هذا ما يؤكده المدير العام للمركز الوطني لإدارة الموارد المائية، حاتم حميد، حين شدد على إيجاد الحلول لـ “شح المياه” في العراق.
وتصاعدت حدة التحذيرات في العراق، من جفاف البحيرات والمسطحات المائية، وسط انخفاض تدفق المياه من دول الجوار، وذلك بعد جفاف بحيرة ساوة والملقبة بـ”لؤلؤة الصحراء”، في محافظة المثنى بشكل تام، وهو ما أثار ضجة واسعة.
وتعد بحيرة ساوة التي يبلغ طولها 4.47 كيلومترات وعرضها 1.77 كيلومتر، من البحيرات المغلقة، وليس فيها مصادر مياه من الأنهر، فهي تتزود من المياه الجوفية وتتغذى بالدرجة الأساس على الترشيحات من نهر الفرات، فهي بحيرة ملحية طبيعية.
ويواصل العراق خساراته لأكثر الأهوار والبحيرات تميزاً بسبب الجفاف الذي ضرب البلاد خلال العامين الماضيين، خاصة بعد اختفاء “هور أبو زرك” الذي تبلغ مساحته نحو 118 كم وتحول إلى أرض جرداء.
ويمتد هور أبو زرك من قضاء الإصلاح شمالاً وصولاً إلى مدينة الفهود جنوبا، ويتميز عن بقية الأهوار بنوعية مياهه العذبة بما يضفي على طبيعته رونقاً خلاباً تجلى من خلالها النمو الكثيف للعديد من النباتات المائية والبرية، إضافة إلى إنتاجه الغزير من الثروة السمكية.