
أفاق سكان العاصمة بغداد على غرق شوارع ومناطق بأكملها بمياه الأمطار المستمرة، وسط انتشار آليات سحب المياه التابعة لأمانة بغداد، الأمر الذي أثار سخطاً شعبياً.
وأغرقت الأمطار الغزيرة المنازل وأغلقت طرقا وأنفاقا وتسببت في انقطاع التيار الكهربائي عن العديد من الأحياء، إضافة إلى توقف شبكات الاتصال وخدمة الانترنت عن العمل، حتى أضحت بعض مناطق بغداد مستنقعا كبيرا أو هور يوازي أحد أهوار الجنوب.
وأبدى بغداديون استياء من تردي الأوضاع الخدمية للعاصمة، على الرغم من إعلان أمانة بغداد استعدادها لموسم الأمطار.
منظر الفيضان الذي ضرب بغداد، فكان مأساويا ومؤلما وحارقا ومدميا لقلوب أهالي بغداد الذين شبعوا من التصريحات الرنانة والكذابة, وملوا كل الأحاديث المعسولة بالخداع التي خرجت من أمانة بغداد و مكاتبها الإعلامية بخصوص الاستعدادات لموسم الشتاء والأمطار.
ساعات معدودات من الأمطار قطعت أوصال العاصمة وكأننا في صحراء غارقة لا سبيل لأحد أن يصل إلى الجهة الأخرى . لقد صرفت مبالغ طائلة لأعمار شوارع ومجاري بغداد لم يستطع المواطن المبتلى من أن يتلمسها أو يشعر بوجودها .
تحذير فات آوانه
كشف أمين العاصمة بغداد، السابق، منهل الحبوبي، في رسالة إلى رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، ان العاصمة مهددة بالغرق عند هطول ايه امطار.
واضاف: نود ان نبين ما يلي: لم يتم تنظيف الخطوط الناقلة الاستراتيجية لمياه الصرف الصحي خط زبلن _خط بغداد WT، علما ان حالة الخطوط سيئة جدا مع وجود اوساخ وكذلك وجود انسدادات وتخسفات حاكمة والتي بدورها تسبب في غرق مدينة بغداد عند هطول الامطار.
وتابع: وجود تلكؤ في اعمال تنظيف الخطوط الرئيسية من قبل الدوائر البلدية وعدم جاهزيتها لحين اعداد هذا الكتاب، مع وجود عطلات في المحطات الحاكمة وكذلك في المحطات الرئيسية.
أين مصير مليارات الدولارات
يتساءل كل أهالي بغداد ومعهم راضي الغانمي بعد غرق عاصمتهم أين مصير مليارات الدنانير التي صرفت ..؟ وبأي جيوب نزلت ..؟ وهل تستطيع أمانة العاصمة أن تجيب على هذا التساؤل ؟
لقد مل المواطن تصريحات المسؤولين بشان الخدمات , ومل أيضا كل حديث لمسؤول يخرج عليهم من على شاشات الفضائيات ويعلن عن النية لإقامة المشروع الفلاني وتبليط الشارع العلاني أو تصليح منظومة المجاري ذات المرض المزمن الذي ندعو الباري أن يشفيها ..
إن غرق العاصمة بفعل مطرة لم تستمر سوى ساعات لا يتناسب مع ما تقدمه الحكومة من إمكانيات هائلة على أعمار وتأهيل الخدمات في العاصمة بغداد التي تستصرخ الضمير العراقي الأصيل بإنقاذها من براثن الخدمات التي لم تراها حتى الآن.
تحولت بغداد إلى مدينة (البندقية)
يقول أحد سكنة بغداد، حسين صالح: وأنا عائد من العمل لم أكن اقود سيّارة، بل تحولت سيارتي إلى زورق، وتحولت بغداد إلى مدينة (البندقية) الايطالية (مع وجود الفارق)، إذ حتى الأرصفة التي طالما طلتها أمانة بغداد بأصباغ رخيصة بمليارات الدنانير، غرقت وعلاها الماء، وكذلك حملات امانة بغداد وآلياتها الخاصة، وتسليك مجاري تصريف الأمطار وكلفتها الباهظة لم تجد نفعا، وذهبت أموال العراقيين مع أول موجة أمطار شتائية".
(صخرة عبعوب)
جملة استثنائية وشهيرة تناقلها أهالي بغداد في شتاء ماضي، لتنتشر في عموم العراق، في تعبير ساخر وناقم، على أوجه الفساد التي باتت تستفحل يوما بعد آخر في الدوائر الخدمية الحكومية، لاسيما المسؤولة عن الخدمات البلدية منها، فقد كان الشعب العراقي يتوقع من حكومته الاستفادة من أخطاء الماضي، وإصلاح منظومة العمل والادارة، ومعالجة الفساد البلدي في بغداد خصوصا كونها العاصمة.
مع أهمية وحتمية الاستعداد لموسم الشتاء بصورة تتناسب مع مليارات الدولارات التي تم تخصيصها في السنوات الماضية، وتم صرفها على مشاريع تصريف المياه في بغداد، لكن الذي حدث أن مدينة كبيرة متشعبة واسعة كثيرة الاحياء اسمها بغداد، تغرق بمياه الأمطار بمجرد ان أفاضت السماء بخيراتها على الأرض.
لتدخل المياه الى بيوت المواطنين الآمنين، وكأن المسؤولين لا يكتفون بالتهديدات الارهابية والمفخخات والانفجارات التي تقض مضاجع المواطنين ليلا ونهارا، وهذه المرة تأتي موجة الأمطار لتميط اللثام عن وجوه الفاسدين في أمانة بغداد وبعض الحكوميين المسؤولين عن مهمة تصريف المياه، لتؤكد أن المليارات التي تم تخصيصها لصرف مياه الأمطار ذهبت الى جيوب الفاسدين حتما.