الحكومة تتفرج رغم الكارثة ... الفلاحون يهاجرون أراضيهم.. الزراعة في العراق تلفظ أنفاسها الأخيرة
25-أغسطس-2021

خاص / كل الاخبار
في بلاد يتخللها نهران كبيران، وتشق أراضيها عشرات الروافد والبحيرات، باتت الصحراء تطل على تخوم المدن العراقية وتتسلل إلى أجوائها وشوارعها عبر عواصف تحمل معها أطنانا من الأتربة والغبار، بعدما تلاشت المساحات المزروعة وانحسر اللون الأخضر في بلاد كانت تعرف يوما ما باسم "أرض السواد".
وإن المساحات الصالحة للزراعة وتربية الحيوان تقف اليوم على عتبة كارثة جديدة وهذه المرة بسبب واحدة من أسوأ كوارث الجفاف التي حولت أعظم نهرين في منطقة الشرق الأوسط إلى ما يشبه جداول صغيرة عند وصولها إلى مناطق جنوب العراق
ويحذر خبراء اقتصاديون من أن العراق بات ومنذ سنوات لا يزرع سوى ربع المساحة الصالحة للزراعة من أراضيه.
وتتزايد عمليات تجريف البساتين وتحويلها إلى مشاريع سكنية، يسكن معظمها فلاحون هجروا أراضيهم واتجهوا نحو المدينة.
ويشير مسؤول في وزارة الزراعة إلى أن مساحة الأرض الصالحة للزراعة في العراق شاسعة، لكنها "مقيدة" بسبب قلة الإيرادات المائية والتغيرات المناخية والاحتباس الحراري.
ويضيف أنه بسبب ذلك باتت خطة الحكومة للمحاصيل الشتوية تركز على محصولي الحنطة والشعير فقط، إضافة إلى تقلص كثير من المساحات الزراعية بسبب ملوحة التربة ومشاكل بيئية أخرى.
ورغم وجود قوانين تمنع تجريف البساتين وتحاسب من يقومون بذلك، فإن المساحات الخضراء التي كانت تحيط بالمدن باتت تتقلص يوما بعد آخر بسبب تحويلها إلى مشاريع سكنية، أو جفاف محاصيلها وهجرتها من قبل أصحابها.
وفي منطقة الدورة جنوبي غربي بغداد جفت الكثير من البساتين دون أن تتحرك الجهات المسؤولة لوضع حد لهذا.
وتقول الحكومة العراقية إنها تطبق قانون الغابات والمشاجر الذي صدر عام 2009 وقانون منع تجريف البساتين المشرع عام 2016، ولا تعطي رخصا لتغيير جنس الأرض من زراعية إلى سكنية أو صناعية أبدا، إلا أن واقع الحال يحكي خلاف ذلك.
من جهتها قالت لجنة الزراعة النيابية إن شحة المياه في عموم العراق تسببت بهجرة واسعة للعديد من الفلاحين في المناطق الريفية بحسب الاحصاءات الاخيرة”، موضحة إن “المناطق الريفية شهدت تراجعا كبيرا بمناسيب المياه اثرت على العمل الزراعي وتربية المواشي والثروة الحيوانية”.
وفي سياق ذلك، كشف مسؤول شعبة الزراعة في مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، حيدر عبد اللطيف، عن كارثة تهدد المحافظة بسبب شحة المياه التي أصابت ديالى، وبالتالي التأثير على مئات الدونمات المزروعة.
وقال عبد اللطيف) إن "آلاف الدوانم من بساتين الحمضيات المتميزة على مستوى العراق والتابعة إلى بعقوبة مركز المحافظة مهددة بالهلاك، وذلك بسبب شحة المياه التي ضربت المحافظة ونهرها ديالى على وجه الأخص".
ولفت عبد اللطيف إلى أنه "لا يوجد حل لانقاذ تلك البساتين والاراضي الزراعية الشاسعة، إلا من خلال زيادة الإطلاقات المائية"، مشيراً إلى أن مديرية الزراعة في المحافظة تعمل على مفاتحة المحافظ مثنى التميمي، على أمل إيجاد حل للمشكلة.