
يُشكك عراقيون بصدقية السعودية في ضخ استثمارات في العراق بعد سنوات من القطيعة ومثلها من التردد في تحسين العلاقات، ورغم الطروحات السعودية الكثيرة عبر وسائل الإعلام، فإن شيئا لم يتحقق على أرض الواقع، وفقا لمراقبين.
ولعل إحدى أبرز المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، هي غياب الاستثمارات وعدم تنويع مصادر الدخل، التي لعبت عوامل سياسية داخلية وخارجية دوراً رئيساً في انحسارها، ما أدى إلى زيادة الفقر والبطالة نتيجة الاعتماد شبه الكلي على الدولة.
ويُعدُّ تفشّي الفساد المالي والإداري والبيروقراطية وغياب البيئة الآمنة وحزمة القوانين الاقتصادية الداعمة، أبرز ما يعرقل إمكانية نشوء استثمارات أجنبية في البلاد
- مصالح اقتصادية ومناورة سياسية
ولعلّ نية العراق الانفتاح اقتصادياً على السعودية قد تعتبره إيران خطراً عليها في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 12 مليار دولار يجري باتجاه واحد من دون أن يصدّر العراق شيئاً يُذكر. وكانت طهران قد عبّرت في وقت سابق عن سعيها إلى مضاعفة صادراتها لتصل إلى حدود 20 مليار دولار سنوياً، فضلاً عن عقود استيراد الطاقة.
في السياق، قال أستاذ العلوم السياسية إياد العنبر " إن "الواقع الجغرافي والسياسي يجبر العراق على التعاطي مع السعودية كما يتعاطى مع بقية دول الجوار"، مبيّناً أن "بغداد بحاجة إلى تنويع علاقاتها الخارجية والبحث عن حلول لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية".
وختم أن "السعودية قد تكون بوابة لحلّ إشكالية اقتصادية لا تملك طهران مساحة توفير فرص بديلة عنها لبغداد، من ضمنها خطوط تصدير جديدة للنفط قد تغنيها عن الممرّ التركي".
- هل هناك عقبات أمام مشاريع الرياض؟
ينفي المستشار السعودي سالم اليامي أية عقبات تقف حائلا أمام مشاريع الرياض المقررة في العراق، قائلا: "الموضوع واضح ولدينا القدرة على تنفيذ هذه المشروعات".
لكنه شدد على ضرورة أن يثبت الجانب العراقي، للعرب خصوصا، أنهم يتعاملون مع دولة.
وأشار اليامي إلى حادثة مقتل مدير شركة كورية جنوبية التي شهدها العراق، في شهر أكتوبر الماضي.
وكان عامل عثر على جثة بارك شول، مدير مكتب شركة "دايو للهندسة والكهرباء" الكورية الجنوبية في العراق، معلقة في مجمع الشركة على بعد عدة كيلومترات من موقع ميناء الفاو الكبير الذي تشرف شركته على تنفيذ بناءه.
السياسة الناعمة
بدوره يرى الخبير العسكري العراقي حاتم الفلاحي أن السعودية تنفذ "رغبة أمريكية بالدخول إلى العراق، فضلاً عن مصالحها الأمنية التي تتمثل بمواجهة المشروع الإيراني في العراق كما يجري في اليمن من خلال استخدام السياسة الناعمة".
وأعرب الفلاحي عن اعتقاده بحاجة العراق لمشاريع استثمارية مثل التي أعلنت عنها السعودية، لكن هذه الاستثمارات وفق قوله "تسببت بانقسام داخلي في العراق؛ فالمليشيات الولائية التابعة لإيران تسمي هذا الاستثمار بأنه استعمار جديد للعراق واستيلاء على هذه المحافظات وثروات العراق".
وأشار إلى أن "سيطرة المليشيات على هذه المحافظات والمشهد العراقي بشكل كامل جعلها تتغول في كثير من الملفات وخاصة الملفات السياسية، وهي الآن من تحدد وهي التي تفرض وجودها بقوة السلاح".