العراق بدون حكومة كاملة الصلاحيات عام على الانتخابات.. إيرادات مالية بلا موازنة وأزمة سياسية متواصلة بلا اتفاق
9-أكتوبر-2022

مضى عام على الانتخابات البرلمانية وما زال العراق دون حكومة بصلاحيات كاملة نتيجة تواصل الأزمة السياسية، ما حرم البلاد من الاستفادة من العوائد النفطية ومن فرص اقتصادية هامة، في عام يمكن تسميته بأنه عام الصراع والفرص الضائعة.
ويكمل العراق اليوم عاماً كاملاً منذ إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة، في غياب حكومة جديدة أو موازنة جراء شلل سياسي يهدّد بحرمان البلاد من مشاريع بنى تحتية وفرص إصلاح هي بأمس الحاجة إليها.
إيرادات نفطية بلا فائدة حقيقية
وبعد عام على الانتخابات البرلمانية، حقق العراق، البلد الغني بالنفط والمنهك بعقود من النزاعات، إيرادات نفطية هائلة خلال العام 2022. وتقبع هذه الأموال في البنك المركزي، الذي بلغت احتياطاته من العملة الأجنبية 87 مليار دولار.
لكنّ الاستفادة من هذه الأموال في مشاريع يحتاج إليها العراق مرهون بتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة وموازنة تضبط إيقاع الإنفاق، فالحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي تتولى منذ عام تصريف الأعمال ولا تملك صلاحية طرح مشروع الموازنة على البرلمان.
حذر الخبير القانوني جمال الاسدي،، من عدم قدرة حكومة تصريف الأعمال الحالية على صرف رواتب الموظفين، كونها بلا غطاء تشريعي يتيح لها صرف النفقات العامة خلال عام 2023.
وقال الاسدي، إن "التشريعات القانونية المعمول بها حالياً لصرف الرواتب والنفقات العامة ستنتهي مدتها التشريعية المسموح بالعمل فيها وفق القانون مع نهاية شهر كانون الاول المقبل من العام الحالي"، لافتا إلى أن "الحكومة لا تملك غطاء تشريعيا يسمح لها بصرف نفقات الرواتب والنفقات العامة الآخرى بحلول العام المقبل 2023".
وأضاف، ان "الحياة العامة ستتعطل مع نهاية العام الحالي ما لم يتم الإسراع بتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية والقانونية".
وتابع الاسدي، ان "المسؤول الذي سيوقع على صرف الرواتب او اي امر يتعلق بصرف النفقات الآخرى في مطلع العام المقبل، سيعرض نفسه للمساءلة القانونية وقد تصل عقوبة حبسه لخمس سنوات وفق مواد قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل".
وفي حين قدّر البنك الدولي نمو الاقتصاد العراقي بنسبة 5,4% في المتوسط سنوياً بين عامي 2022 و2024، إلا أن “توقعات الاقتصاد الكلي تحيطها درجة كبيرة من المخاطر نظراً للاعتماد الكبير على النفط، واستمرار أوجه الجمود في الموازنة، والتأخير في تشكيل الحكومة الجديدة”، كما ورد في تقرير في حزيران/يونيو.
نتيجة غياب موازنة، ينفق العراق اليوم على أساس قانون الإدارة المالية الاتحادي أي ما أنفق في الموازنة السابقة مقسّماً على 12 شهراً، وهو ما لا يعكس واقع الايرادات التي حققتها البلاد في 2022.
لكن “هذه ميزانيات الحدّ الأدنى … تماثل الماضي وليس الحاضر أو المستقبل وتنعدم فيها فرص النمو الاقتصادي، وتحرم العراق من مشاريع استراتيجية كبيرة”، وفق المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر صالح.
وأضاف “نضيّع فرصًا كبيرة، فرص الاستثمار بمشاريع مهمة واستراتيجية ومخطط لها”
ومع اقتراب العام 2023 بدون موازنة، سيكون على السلطات إما تشريع قانون جديد مماثل للأمن الغذائي أو الاستمرار بالصرف على أساس الـ12 شهراً، أي “تقليص الإنفاق مرة جديدة”، كما يشرح يسار المالكي.
عند استقالته من منصبه كوزير مالية في آب، لم يتوان علي علاوي، صاحب المشروع الاقتصادي الإصلاحي الذي لم يتحوّل تماماً إلى واقع ملموس، عن تحديد المشكلة بصراحة تامة.
وكتب في رسالة استقالته “كل خطط وبرامج الحكومة مقيّدة دائماً بالحاجة إلى الحصول على اتفاق واسع من طبقة سياسية ممزقة”.
وأضاف “كل دعوات الإصلاح جرى إعاقتها بسبب الإطار السياسي لهذا البلد”.
ومن بين كل عشرة شباب، يوجد أربعة عاطلون عن العمل، وفق الأمم المتحدة، فيما ثلث السكان الـ42 مليوناً، هم تحت خط الفقر..