العراق على مفترق طرق ... استقالة النواب الصدريين نوع من الضغط والمناورة السياسية
14-يونيو-2022

جاءت استقالة النواب الصدريين من البرلمان العراقي في وقت وصلت فيه الأزمة السياسية في العراق إلى طريق مسدود، فرغم المبادرات السياسية العديدة التي أعلن عنها والتي ناهزت 11 مبادرة، إلا ان الخلاف كان سيد الموقف مع إصرار القوى السياسية المتخاصمة على مواقفها.
وأثارت خطوة الكتلة الصدرية التي جاءت بناء على طلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ردود أفعال مختلفة اجمعت في مجملها على امكانية حصول تداعيات خطيرة بعد تلك الخطوة، وقد تنعكس بشكل مباشر على الجو العام في الشارع العراقي وداخل أروقة العملية السياسية.
الأنظار تتجه إلى الحنانة
الباحث بالشأن السياسي حسن الحاج، رجح حصول حراك وصفه بـ “المكثف” وزيارات الى الحنانة لإقناع زعيم التيار الصدري بالعدول عن قراره باستقالة نواب التيار ومقاطعة العملية السياسية.
وقال الحاج، إن “استقالات نواب الكتلة الصدرية تصبح سارية المفعول بعد عرضها على رئيس البرلمان وقبولها، ومن ثم تعرض على التصويت تحت قبة البرلمان بالاغلبية المطلقة وبحسب القانون الذي يشير إلى انه تسري الفقرة اولا من الأمر رقم 9 لسنة 2005 على عضو مجلس النواب واعضاء هيئة الرئاسة في حال تقديم استقالته وقبولها من قبل المجلس بالاغلبية المطلقة على ان لا تقل عضويته في مجلس النواب عن سنة واحدة”.
وضاف الحاج: “وفق رؤيتنا للوضع السياسي فاننا نتوقع ان يتم رد الاستقالات تحت قبة البرلمان من حيث الشكل والمضمون بعد رفض غالبية أعضاء مجلس النواب على طلب الاستقالة، وبالتالي تصبح الاستقالات ملغية ولا قيمة لها قانونيا”.
مضيفاً: “نعتقد أن الاستقالة نوع من الضغط والمناورة السياسية لاجبار البعض على الجلوس لطاولة المفاوضات او تشكيل حكومة اغلبية سياسية مقابل معارضة”.
وتابع ان “الايام القليلة المقبلة قد تشهد زيارات مكثفة الى الحنانة لاقناع الصدر بالعدول عن محاولة مقاطعة العملية السياسية وسحب استقالات النواب الصدريين، خصوصا أن الشارع يترقب بحذر والبعض يتحدث عن تظاهرات مرتقبة وربما اعتصامات وهذا الامر سيعقد المشهد بشكل اكبر “.
وأوضح ان “الاستقالات قد يعاد النظر بها خصوصا اننا في عطلة تشريعية واغلب القوى السياسية لن تقبل بقبول استقالات نواب التيار الصدري”.
وأكد الحاج، ان ” الأيام المقبلة قد تتمخض عن تكثيف الاجتماعات والحوارات لإقناع الصدر بالعدول عن قراره وفي حال المضي بهذا القرار فإنه سيفسح المجال أمام باقي القوى السياسية لتشكيل الحكومة بعيدا عن التيار الصدري”.
تحذيرات من أزمة كبيرة
من جانبه، فقد أشار المراقب للشأن السياسي علي الجوادي الى ان استقالة النواب الصدريين تلبية الى دعوة زعيمهم مقتدى الصدر ستفتح الباب امام ما وصفها بـ “أزمة كبيرة”.
وقال الجوادي، إن “خطوة تقديم نواب الصدريين استقالتهم بناء على طلب زعيمهم هي جزء من الإيثار السياسي الذي ينطلق منه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خصوصا وان الصدر هو صاحب المقاعد اكثر عدد في البرلمان”.
وبين ان “الاستقالة ستفتح الباب أمام ازمة كبيرة خصوصا ان ما حصل عليه الصدر من مساحة برلمانية و ثقل سياسي وحتى محاولة تغيير الأداء السياسي قد تولد احباط كبير لدى قاعدته الجماهيرية اولا بقية شرائح الشعب العراقي التي تنتظر اعادة هيكلة العملية السياسية بمجملها وفق رؤية الاغلبية الوطنية التي نادى بها الصدر”.
لافتا الى ان “جميع الكتل السياسية خصوصا المختلفة مع الصدر تعلم جيدا ماذا تعني تحول القاعدة الشعبية للصدر الى معارضة جماهيرية في الشارع”.
من ناحيته رأى الأمين العام للاتحاد الاسلامي لتركمان العراق، جاسم البياتي، أن خطوة نواب الكتلة الصدرية بتقديم استقالاتهم “تعقّد” الموقف، على حد قوله.
وقال البياتي إن “خطوة نواب التيار الصدري بتقديم استقالاتهم يعقد الموقف وهذا ما لا يتمناه احد، وما نتمناه هو فتح الانسداد السياسي بحلول توافقية منها تشكيل الكتلة الأكبر داخل البيت الشيعي ثم تشكيل الحكومة”.
وأضاف: “اما خطوة تقديم الاستقالات فحلها القانوني يقع على عاتق مفوضية الانتخابات لاختيار البدلاء، والذي يغيّر خارطة الطريق داخل مجلس النواب وذلك بصعود عدد من المستقلين ومن الاطار التنسيقي الى مجلس النواب وتشكيل الكتلة الكبرى، وبما ينسجم مع ما طرحه الاطار التنسيقي في مناسبات عديدة لإنهاء الانسداد السياسي”.
وتابع قائلاً: “قد تكون خطوة استقالة نواب التيار الصدري تحت قبة البرلمان هي ورقة ضغط سياسية مدروسة لإيجاد حلول لإنهاء الانسداد السياسي، ونحن نحترمها طالما كانت تصبُّ في مصلحة العراق والشعب العراقي وحسب رؤيتهم لمعالجة الازمة السياسية”.
وأوضح، أن “الاستقالات في حال عدم حصول أي تراجع عنها بضغط سياسي من قبل التحالف الثلاثي أو من الإطار التنسيقي من الطبيعي، فإن مفوضية الانتخابات من الناحية القانونية ستعمل على اختيار البدلاء الاحتياط لإكمال عدد مجلس النواب البالغ 329 نائباً”.