العواصف الترابية ... تحذيرات من الأخطر مع غياب معالجات حقيقية للتصحر
9-مايو-2022

سلسلة من العواصف الترابية في العراق، بفوارق زمنية قليلة كانت كافية إلى وقوع العديد من حالات الاختناق وخلق حالة من الشلل في حياة المواطنين، وسط تحذيرات باستمرار خطر موجات الغبار في غياب خطط المعالجات الحقيقية والملموسة.
وخلال السبعين يوماً الماضية خنقت البلاد عشرات العواصف المحملة بالتراب والغبار، ورغم تعكز الحكومة والجهات الوزارية المختصة على عامل “التغير المناخي” العالمي، إلا أنَّ خبراء ومختصين رفضوا هذا التبرير وقدموا مقترحات سريعة وأخرى مستقبلية لإيقاف غزو التراب للعراق، منها “الاستمطار الصناعي” في البادية وإنشاء الأحزمة الخضر حول المدن والضغط على دول المنبع لزيادة حصة العراق المائية من دجلة والفرات.
هذا ورجح مختصون بالانواء الجوية استمرار العواصف الترابية خلال أشهر الصيف بسبب اتساع مساحة التصحر وقلة الأمطار في الاشهر السابقة، ما جعل المواطنين يشعرون بالخشية مما تخفيه لهم الايام والاشهر المقبل.
مطالبة بحصر ملف المياه بيد الحكومة
عضو لجنة الزراعة والمياه والاهوار البرلمانية في البرلمان السابق علي البديري، دعا القوى السياسية الى تضمين شرط مهم وهو تضمين ملف المياه والقضاء على التصحر كشرط أساسي واولوية للتصويت على الحكومة المقبلة.
مطالبا في الوقت نفسه بأن يكون ملف المياه بيد رئيس الحكومة حصرا وكما هو معمول به في جميع الدول المتشاطئة.
وقال البديري ان “هناك بحيرات عملاقة تعرضت للجفاف كالرزازة وساوة وغيرها بسبب الجفاف والتصحر وسوء الادارة لملف المياه والحوار مع دول المنبع المجاورة للعراق”.
مبينا ان “تكرار العواصف الترابية على بغداد ومحافظات الوسط والجنوب سببه الاساس هو التصحر وغياب الغطاء النباتي بشكل كامل لمسك التربة وصد العواصف الترابية رغم توفر الأدوات الكاملة للقضاء على التصحر”.
واضاف البديري، ان “استثمار النهر الثالث للقضاء على التصحر وانشاء غطاء نباتي يحيط بالعاصمة ومحافظات الوسط والجنوب هو خطوة مهمة وضرورية وقد قدمنا في الدورات السابقة العديد من الدراسات الموثوقة والخطط لمعالجة ظاهرة التصحر ومعالجة ملف المياه وقد حصلت حينها على موافقة الامانة العامة لمجلس الوزراء لكنه تم تسويقها نتيجة للفساد وسوء الادارة والمجاملات لدول الجوار وغياب الارادة الحقيقية لتنفيذ هذه المقترحات”.
ولفت الى ان “الامم المتحدة دعمت العراق للقضاء على التصحر الذي تسبب بالهجرة الجماعية من الريف الى المدينة اضافة الى الاضرار بالثروة الحيوانية والقضاء بشكل كبير على العمالة العراقية وانتشار البطالة ناهيك عن تأثيرها على التراث العراقي العالمي ومن بينها تهديد الاهوار”.
وتابع أن “ملف المياه في حال عدم إشراف مباشر وشخصي من رئيس الوزراء أعلى سلطة في العراق وكما هو معمول به في دول الجوار فلن نجد أي حلول لملف المياه”.
مبينا انه “العراق يتم تكليف وزير او وكيل وزير في تعامل غريب مع ملف المياه كانه ملف ثانوي وليس استراتيجي وأساسي رغم ان العالم ذهب الى حرب المياه”.
وتوقع البديري أن “تزداد موجات الغبار والعواصف الترابية خلال هذا العام بسبب قلة الامطار اضافة الى غياب المعالجات الحقيقية لحالة التصحر وتوفير المساحات الزراعية والغطاء الأخضر حول المحافظات”.
وشدد البديري، على أن “ملف المياه للاسف الشديد يتم التعامل معه منذ عام 2003 وحتى اليوم من قبل الرئاسات الثلاث على انه ملف ثاني معتبرين النفط هو الملف الأساسي رغم أن المياه اليوم أصبح سعرها وخطرها أكبر من سعر وأهمية المياه”.
الحكومات منشغلة بالصراعات السياسية
من جانبه فقد رجح الخبير البيئي حسن الحاج، استمرار العواصف الترابية خلال الاشهر المقبلة بسبب حالة التصحر والجفاف وقد تؤدي الى ارتفاع بدرجات الحرارة ما يؤثر سلبا على حياة المواطنين.
منتقدا تجاهل الحكومات المتعاقبة لملف المياه والحزام الاخضر وانشغالها بالصراعات السياسية والمكاسب بين الأحزاب.
وقال الحاج ان “قضية التصحر في العراق باتت تشكل خطرا بسبب توسعها وانشغال الحكومات المتعاقبة بالصراعات والمكاسب الخاصة ناهيك عن الفقر وضعف الدعم للزراعة ما ادى الى الهجرة من الريف الى المدينة”.
وأضاف الحاج، ان “هناك مناطق شاسعة تعيش حالة من التصحر وبحاجة الى ادامتها من خلال زراعة النخيل والنباتات الاخرى القادرة على مواجهة قلة المياه لتبيت التربة وتقليل هشاشتها، وشاهد لنا قريب هي دول الخليج التي استغلت مساحات صحراوية شاسعة وحولتها الى مناطق خضراء لمعالجة قضية البيئة والتصحر والعواصف الترابية وارتفاع درجات الحرارة وتأثير المناخ على المواطنين”.
وتابع ان “الانشغال بالملف السياسي والصراعات واهمال ملف المياه والزراعة قد تذهب بالبلد الى ازمة خطيرة خصوصا ان العراق ومنذ فترة تتعرض لعواصف ترابية قادمة من المناطق المتصحرة وقد يتكرر خلال الاشهر المقبلة بسبب الجفاف واهمال البيئة وقد يؤدي بنا الى ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأوبئة والأمراض وقد يؤثر سلبا على صحة ملايين المواطنين”.