المضاربون ومهربو العملة يواصلون نشاطهم.... الدولار يتجاهل حلول البنك المركزي ويبتعد عن سعره الرسمي بأكثر من 20 ألفاً
26-فبراير-2023

رغم حزم الإجراءات المتعددة التي بادر إليها البنك المركزي للسيطرة على أزمة سعر الصرف في العراق، ما زال سعر الدولار يسجل أرقاماً مرتفعة أمام الدينار في السوق السوداء، وذلك مع تواصل نشاط المضاربين ومهربي العملة في البلاد.
ووصلت عصابات الفساد إلى سوق العملة، إذ نشط المضاربون والمهربون بصورة كبيرة فيه ما أشعل السوق السوداء للدولار الذي شهد قفزة كبيرة أمام الدينار.
ورغم ارتفاع مبيعات البنك المركزي العراقي من العملة الصعبة، ما زال سعر صرف الدولار مُحلقاً في السوق الموازي وبفارق يصل إلى 200 دينار عن السعر الرسمي.
وسجلت الأسواق العراقية أسعارا متفاوتة للدينار أمام الدولار في السوق السوداء خلال اليومين الماضيين، إذ بلغت 1520 دينارا للدولار في بغداد، وفي مدن أخرى نحو 1530 دينارا، رغم بسط البنك المركزي القيمة الرسمية وهي 1320 دينارا منذ نحو أسبوع.
إجراءات البنك المركزي العراقي
ويقول مصدر مسؤول في البنك المركزي العراقي لكل الأخبار إن "هناك قرارات أخرى تضمنتها الحزمة الجديدة لم تُعلن حالياً وبانتظار توضيحها ببيان رسمي، تتضمن تعميم قائمة (سوداء) بأسماء المصارف وشركات محال الصرافة التي لم تلتزم بالسعر الرسمي 1320 دينارا في تعاملاتها رغم التعميمات الرسمية لمنع طلباتها بشراء الدولار وحجب وصوله إليها".
وتابع: “كذلك تتضمن القرارات فتح منافذ جديدة لبيعه إلى المواطنين بصورة مباشرة لأول مرة بكميات مُحددة بإجراء غير مسبوق حتى وإن لم يكن طلبهم للدولار بداعي السفر ما سيوفره بكميات تلغي حاجتهم للذهاب إلى السوق الموازي لأن العملة الأجنبية ستتوفر لدى وكلاء معتمدين وفي كافة مناطق بغداد والمحافظات وبالسعر الرسمي”.
خيارات السيطرة على أزمة سعر الصرف في العراق
وقال المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، إن "الخيارات المتاحة أمام السلطة النقدية للسيطرة على سعر الصرف تسير باتجاهين".
وأوضح ان "الاتجاه الأول: تحرير بقايا فقرات الحساب الجاري لميزان المدفوعات والتي تخص تحويل أرباح المستثمرين وعوائد العمل وتجارة الخدمات والحقوق المتعلقة بتحويل قيمة الإرث للمقيمين أو المغتربين العراقيين في الخارج والتي كانت جميعها غامضة سابقا وتخضع للاجتهادات البيروقراطية قبل إطلاق الحزم الأخيرة للبنك المركزي العراقي في مجال التحويلات".
واضاف أن "الاتجاه الثاني هو وجود ملامح إيجابية في تحرير جانب من الحساب الرأسمالي أو المالي لميزان المدفوعات العراقي وربما إلى مدى أوسع وفي مقدمتها على سبيل المثال موضوع السماح بالتحويل الخارجي لشراء عقار أو الاستثمار بعقار خارج البلاد".
وقال “هنالك حزمتان أولى وثانية مرنتان أطلقتا وسمحتا باستخدام شركات التحويل المالي العالمية كوسائط للتحويلات المتعلقة بالتجارة الصغيرة بغية تجنب الإخفاقات المصرفية المحلية إلى حين تكييفها لمتطلبات منصة الامتثال”.
وتابع صالح: “أرى أن السياسة النقدية ستزيد من الانفتاح في التحويلات كافة مع تطور الأدوات المصرفية التي تعتمد قواعد الامتثال الدولي في حوكمة تمويل المعاملات التجارية وهناك دور سيكون للمصرفين الحكوميين الكبيرين الرافدين والرشيد في المستقبل القريب بتسهيل تمويل التجارة الخارجية للقطاع الأهلي وعلى وفق قواعد الامتثال الدولية”.
تباين سعر الصرف في العراق
ويقول الخبير الاقتصادي أدهم الفخار إن التباين الحالي في سعر الصرف بين ما الرسمي والموجود في السوق الموازي يرجع إلى تراكمات نتيجة سياسات نقدية خاطئة منذ تسعينيات القرن الماضي.
ويوضح أن “النظام المصرفي في العراق يعمل بعيداً عن الأنظمة العالمية منذ فرض الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي وكذلك تأسيس نافذة بيع العملة في البنك المركزي ما بعد عام 2003 التي كان لها الأثر السلبي الذي منع بناء نظام مصرفي يقدم الخدمات المتعارف عليها وإبقاء أغلب المصارف الأهلية تمارس دور الصرافة وليس تقديم الخدمات المصرفية كنتيجة طبيعية سلبية لنظام نافذة بيع العملة الذي أبخس دور المصارف في البناء الاقتصادي”.
وأضاف أن “سعر الصرف حسب توقعاتنا سيستقر في وقت لاحق ليكون موازياً للسعر الرسمي بعد الإجراءات الأخيرة للبنك المركزي”.
أسباب ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي
وعن أسباب استمرار أزمة سعر الصرف في العراق، يقول صاحب شركة صرافة في منطقة الحارثية، محمد جعفر، إن “المصارف التي نتعامل معها لشراء الدولار والتي تتعامل بدورها مباشرةً مع البنك المركزي ما زالت تشتكي بطء النظر بطلبات الشراء التي تقدمها للبنك وتأخر صرف الأموال الذي يصل إلى فترة تتراوح ما بين 10 إلى 14 يوماً من تاريخ تقديمها للطلب وبكميات محدودة لا تزيد عن 100 ألف دولار بكل طلب ولا تتجاوز 200 ألف دولار شهريا ولا تغطي حاجة السوق الذي يشهد طلباً كبيراً على الشراء”.