رغم النمو الاقتصادي ... العراق يعاني من مفارقة فريدة تتمثل بارتفاع معدلات الفقر بين مواطنيه
8-يناير-2023

رغم التسارع المذهل بمعدلات النمو الاقتصادي في العراق وتحقيق إيرادات مالية جيدة من تصدير النفط، يعاني العراق من مفارقة فريدة تتمثل باتفاع معدلات الفقر بين مواطنيه وتدني مؤشرات التنمية الاجتماعية، وذلك في ظل انتشار الفساد في البلاد، وذلك باعتراف من معظم المسؤولين في البلاد، الذين أعلنوا وضع خطط مختلفة في محاولة لمكافحة هذه الآفة.
ويرى مراقبون أن الوضع في العراق لا يمكن إصلاحه إلا إذا تم القضاء أولا على الفساد السياسي وتشكيل نظام كفاءات بعيدا عن المحاصصات والتقسيمات، بالإضافة إلى ضرورة استقلال القرار السياسي العراقي عن التجاذبات الإقليمية والدولية، محذرين من أن استمرار تلك الحالة قد يؤدي إلى انفجار شعبي أشد ضراوة من المرات السابقة.
واردات رهينة للفاسدين
وتعليقا على الوضع الراهن، يقول المحلل السياسي، إياد العناز، إن ظاهرة الفساد برزت بشكل فعال ومؤثر في العراق، واتخذت أشكالا وأنماطا عدة، تمثلت في حدة الصراعات والطموحات غير المشروعة التي يسعى إليها الفاسدون وشبكات تهريب الأموال وتبييضها وسرقة ثروات البلاد على حساب سعادة ورفاهية المواطن، “فأصبحت واردات البلاد المالية رهينة للفاسدين والمفسدين وعنوانا بارزا للسلوك السياسي والاقتصادي والمشاريع الوهمية”، على حد تعبيره.
وأضاف “الفساد الاقتصادي من أهم العقبات التي تقف عائقا أمام بناء ورقي المجتمع وتقدم شعبه، وتراجع عملية التقدم والتطور في كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بل ويسهم في إحداث العديد من الاختناقات والأزمات التي تعطل مسيرة الإصلاح في البلد وتعمل على ظهور العديد من مظاهر الإخفاق والتدمير للخطوات الجادة”.
وأوضح العناز أن “الاقتصاد العراقي انكمش بنسبة 10.7 في المئة وهي نسبة كبيرة ارتفعت خلال الخمس سنوات الماضية، وكانت أحد الأسباب في ارتفاع نسبة الفقر داخل العراق والتي بلغت 27 في المئة مع وجود 10 ملايين عاطل عن العمل واستمرار تفشي الفساد المالي في جميع قطاعات الحياة، وتوجه الدولة بالاعتماد الكلي على قطاع النفط الذي يغذي 98 في المئة من الناتج المحلي للبلاد ويعتبر أساس استمرار الحياة الاقتصادية”.
سوء الإدارة وعدم وجود خطط اقتصادية
وعزا المحلل السياسي ذلك الانكماش رغم أرقام النمو الاقتصادي في العراق إلى “سوء الإدارة وعدم وجود برامج تنموية وإصلاحية وخطط اقتصادية فعالة ونظرة حقيقية للارتقاء بالمستوى العام للبلاد، وأدوات رصينة تسهم في التخفيف عن كاهل المواطنين”.
لافتا إلى أن “الحكومات لم تتخذ أي إجراءات فعالة لتنشيط القطاعين الصناعي والزراعي ليكونا رديفين لقطاع الطاقة، ولكي نتجنب كارثة اقتصادية تحل بالعراق كونه أصبح أحادي الاقتصاد”.
وتابع “أدى هذا الحال إلى ضعف الحالة المعاشية للمواطنين وارتفاع نسبة البطالة وتراجع معدلات التنمية الاجتماعية في بلد يعتبر الخامس في إنتاج وتصدير الثروة النفطية وثالث دولة في احتياطي العالم من الطاقة والتي تبلغ (159) مليار برميل نفط، و متحصلات مالية شهرية تتراوح بين 9-11 مليار دولار لوزارة النفط بحسب تقاريرها الشهرية”.
ولفت العناز إلى “غياب الأدوات والوسائل الفعالة والميزانية التي تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وبناء قواعد رصينة للإنتاج الصناعي والتجاري وتحسين القطاع العام والاهتمام بالقطاع الخاص ليكون رافدا مهما في الصناعات المحلية، بجانب الضغوط الاقتصادية التي تؤدي جميعها إلى عدم الشعور بالأمان، واستمرار حالة الخوف واليأس والقنوط من المستقبل بفقدان الأمان وعدم تقدير احتياجات الذات الإنسانية”.