صعوبة باستيراد الغاز ...العراق أمام انخفاض "كبير" بالتجهيز الكهربائي
14-يناير-2023

توقعات بانخفاض التجهيز الكهربائي في العراق خلال الأيام المقبلة وذلك بسبب تراجع محتمل بواردات الغاز الإيراني، وذلك بالتزامن مع موجة البرد الحالية في إيران، ومع عدم وجود بدائل حقيقية لإنتاج الطاقة الكهربائية في العراق في ظل استمرار الاعتماد على الغاز المستورد.
وتستمر المؤشرات القوية على إمكانية هبوط كمية الغاز الايراني المصدر إلى العراق، فضلا عن مؤشرات متوازية تشير إلى ان ستراتيجية الحكومة الحالية لاتصب باتجاه زيادة انتاج الطاقة الكهربائية بشكل متسارع بالاعتماد على الغاز، الامر الذي يرجح ان يشهد تجهيز الطاقة في العراق خلال الفترة المقبلة انخفاضا كبيرا.
ترشيد استهلاك الغاز
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الكهرباء زياد علي، يتحدثون في الوقت الحالي عن مشاريع “لاتستهلك المزيد من الغاز”، حيث يبدو ان استيراد الغاز الايراني سيواجه صعوبة خلال الايام المقبلة.
واكبر مشروع معلن حتى الان من قبل حكومة السوداني هو اضافة 4 الاف ميغا واط الا ان هذا الامر سيتم خلال عامين من الان، في الوقت الذي لايبلغ انتاج العراق الحالي اكثر من 23 الف ميغا واط.
وسيتم انتاج هذه الـ4 الاف ميغا واط، عبر تقنية الدورة المركبة، وهي تقنية لاتحتاج الى الغاز لغرض تشغيلها.
إلى ذلك، أكدت وزارة الكهرباء، أن مذكرة التفاهم التي وقعتها مع شركة سيمنز الألمانية ستضيف 6 آلاف ميغاواط للمنظومة الوطنية.
وتابعت، أن "إضافة 6 آلاف ميغاواط وحل مشاكل النقل والتوزيع سيعالج جزءاً كبيراً واستراتيجياً من مشاكل الاختناقات في الشبكة الوطنية وسينعكس إيجاباً ويسمح بزيادة ساعات التجهيز بعد إكمالها".
ولفتت إلى، أن "مذكرة التفاهم بحثت كذلك جزئيات استثمار الغاز المصاحب والطبيعي لتوفير مردودات الغاز الوطني وهذه ستوفر مبالغ كبيرة من النفقات التشغيلية التي تصرف على استيراد الغاز والوقود من دول الجوار".
توقعات بتراجع حجم الغاز المستورد
بالمقابل، يشير الباحث الاقتصادي مرتضى العزاوي إلى انه “بعد دخول موجة برد شديدة الى ايران فإن درجات الحرارة في ۲۱ محافظة إيرانية اليوم تحت الصفر”، مبينا ان “استهلاك الغاز الجاف في القطاع المنزلي وصل إلى ٧٠٠ مليون متر مكعب اليوم و هو يمثل اكثر من ٧٠% من الإنتاج الكلي البالغ ٨٥٠ مليون متر مكعب يوميا”.
واوضح أنه “من المحتمل بقوة في الأيام القادمة ايران تقلل او تقطع صادراتها من الغاز عن العراق لتوفيرها للاستهلاك المحلي و هو أمر سيؤدي بكل تأكيد الى انخفاض كبير في انتاج الطاقة الكهربائية في العراق”.
واعتبر ان “مسؤولية كبيرة على عاتق وزارة الكهرباء لتحضير نفسها لانخفاض التجهيز الكهربائي و كذلك مسؤولية على عاتق المواطنين لترشيد استهلاك الكهرباء و عدم استخدامها لأغراض التدفئة خصوصا و ان البدائل متوفرة”.
وتزداد المؤشرات على امكانية انخفاض كبير بالغاز الايراني المورد الى العراق، ولعل الدولة العراقية على علم مسبق بهذا الامر، حيث قال مدير عام الدائرة الفنية لوزارة النفط علي وارد حمود في وقت سابق، إن “وزارتي النفط والكهرباء تتفاوضان لاستيراد الغاز المصاحب من دولتي قطر وتركمانستان بكميات محددة لدعم الحاجة الكلية المحلية”.
تنفيذ منصة استيراد الغاز المسال
وفي السياق، شهدت جلسة مجلس الوزراء قبل اسابيع اشارة مهمة واجراء يمكن وصفه بأنه الخطوة الاولى نحو امكانية تقليل الاعتماد على الغاز الايراني والتوجه لاستيراد الغاز من دول اخرى.
حيث جاء في قرارات مجلس الوزراء انه “بهدف الاستعداد الأمثل لوزارة الكهرباء، وضمان عدم تكرار المشاكل التي تواجه المنظومة الكهربائية سنوياً خلال فصل الصيف، وما تسببه من عبء كبير على المواطنين، أقر مجلس الوزراء توصية المجلس الوزاري للطاقة بشأن الخطة الطارئة لوزارة الكهرباء لصيف 2023”.
ومن بين هذه القرارات الثلاثة، تصدرها قرار غريب، نص على: “مباشرة وزارة النفط بإجراءات تنفيذ منصّة في أحد الموانئ العراقية لاستقبال الغاز المسال المستورد، بالتنسيق مع وزارة النقل”.
ويحتاج العراق من ايران 1700 مقمق يوميًا لتشغيل المحطات الكهربائية وسد الناقص الحاصل في الانتاج المحلي من الغاز المشغل للمحطات، بالمقابل يحرق العراق 1500 مقمق يوميًا من الغاز، وسط تطلعات لما سينتج عن زيارة السوداني الى المانيا التي تتعلق بمشاريع الكهرباء وايقاف حرق الغاز المصاحب.
لامؤشرات على تجديد العقد مع إيران
وفي نوفمبر الماضي، أعلن المدير العام لشركة الغاز الوطنية الإيرانية مجيد جكيني، بدء مفاوضات ثنائية لتمديد اتفاقية تصدير الغاز الى العراق، مشيرا الى ان العقد الحالي سينتهي العام (2023).
وبين ان “المحادثات مع العراق بخصوص استمرار تصدير الغاز الى هذا البلد قد بدأت فعلا، خاصة وان موعد أول عقد لتصدير الغاز من ايران الى العراق ينتهي في العام المقبل”.
وتابع مساعد وزير النفط في شؤون الغاز أن “الجانب العراقي دعا الى تمديد مدة عقد تصدير الغاز الى العراق، مشيرا الى أن الجانب الايراني ينظر الى هذا الموضوع نظرة ايجابية”.
ورغم ذلك، لم يشهد العراق اي خطوة او توقيع لتمديد عقد استيراد الغاز الايراني الى العراق، مايعزز المؤشرات على احتمالية قرب انتهاء عصر الغاز الايراني ولو مؤقتًا.