على ضفاف وزارة الخارجية ...
22-نوفمبر-2022

وزارة الخارجية من الوزارات السيادية بما تمثله من واجهة للخطاب الرسمي مع الدول الأخرى ومصداقا لمواقف الدولة المعتمدة رسميا والمعترف بها امميا إزاء كل القضايا ذات الصلة في البلاد على المستوى الإقليمي والدولي . لذلك تتناسب طرديا قوة الوزارة والوزير مع قوة الدولة وحضورها الفاعل بما يعنيه مفهوم السيادة بالهيمنة على مفاتيح القوة التي تتحكم بسياسة الدولة المؤثرة بشكل مباشر بالمؤسسات ومصادر الثروة وبناء العلاقات والتحالفات مع الدول الأخرى متشاركة في ذلك مع الوزارات الأمنية والمالية . من دون ادنى شك إن كل من يتابع ما اكتب ويعرف شيئا من ارائي وقناعتي في الإشكاليات الحادة مع حكومة اقليم كوردستان التي لم ترسوا يوما في علاقتها مع الحكومة الإتحادية على مياه هادئة لعدة اسباب بات يعرفها الجميع ولا مجال للتطرق اليها في هذه المساحة المحدودة إنطلاقا من الخلافات ما بين قطبي القوة في الإقليم وصراع المصالح وغياب الرؤيا الناضجة الجامعة بين الإقليم والمركز وانتهاء بضبابية النص الدستوري الحاكم في التعامل مع هذا الأمر على اساس ضمان وحدة العراق وسيادة الدولة مع تأمين مصالح الإقليم المشروعة . رغم ذلك فأننا نجد في وزارة الخارجية العراقية ما يمثل مصداقا لموقف الحكومة العراقية وهذا ما كان واضحا من تداعيات غياب الرؤيا الفاعلة لحكومة مصطفى الكاظمي على عمل الوزارة ونشاطها إزاء التجاوزات التي حصلت على سيادة العراق من دول الجوار وغير الجوار وفي المواقف ازاء الأحداث الدولية الساخنة . فكما قلت ان قوة الوزير من قوة الحكومة وقوة الحكومة من قوة الرئيس الا اننا وللحق والإنصاف شاهدنا طوال فترة حكومة الكاظمي وزيرا حاضرا في حكومة غائبة بل انم البعض من الزملاء قال عن الدكتور فؤاد حسين بإنه كان وزيرا قويا في حكومة ضعيفة . ليس هذا فحسب بل كان الناطق بإسم الوزارة الدكتور احمد الصحاف هو الفأل الحسن للوزارة والوزير بما عرفناه عنه كلسان حال الصوت الحاضر بين هيبة العراق وميزان الطرح الموضوعي في الرأي والموقف والتصريح وهذا ما لمسناه في آرائه وتصريحاته في وسائل الإعلام والقنوات الفضائية بما فيها بعض القنوات العربية التي تحاول أن تصطاد في المياه العكرة الا ان السيد الصحاف كان صوتا واثقا يتحكم في خيوط الحوار بما يحفظ كينونة العراق ولا يسمح بالتطاول او التجاوز على مقدراته وثوابته ولله دره وهو يرد على مذيعة قناة العربية الحدث التي وصفت الحشد الشعبي بالميليشيات فيرّد عليها مستغربا هكذا إصرار على التجاهل لحقيقة ان الحشد قوة رسمية تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة . وعودة على ذي بدء فان مفهوم السيادة يعني سلطة عليا لا تخضع لأية سلطة أخرى غير مصدر القرار المركزي المتمحور في الرئيس التنفيذي للحكومة فإن وزارة الخارجية هي البوابة الأوسع والأهم في الإفصاح عن هوية الدولة وحيثيات خطابها مما يتطلب تواصلا مباشرا مفتوحا مع وسائل الإعلام تجسد ذلك جليا بروح التواضع التي يتمتع بها الزميل الصحاف مع ما يمتلك من ثقافة معرفية تزيده حصانة في الرد على جميع التساؤلات من دون قيد او تكليف . أخيرا وليس آخرا اقول لابد ان يكون لوزارة الخارجية في حكومة السيد محمد شياع السوداني حضورا فاعلا يليق بالعراق تـأريخا وهيبة وسيادة .