
بقلم أياد السماوي
ثمانية عشر عاما مرّت على سقوط الفاشية البعثية في العراق .. ثمانية عشر عاما مرّت على سقوط أعتى ديكتاتورية دموية عرفتها البشرية في عصرها الحديث .. ثمانية عشر عاما مرّت على رحيل أظلم طاغية حكم العراق بعد الحجّاج بن يوسف الثقفي .. ثمانية عشر عاما مرّت على سقوط نظام القتل والإبادة الطائفية والقومية .. ثمانية عشر عاما مرّت على سقوط دولة المنظمّة السرّية .. ثمانية عشر عاما مرّت على سقوط حكم أبناء قرية العوجة .. ثمانية عشر مرّت على سقوط نظام جرذ العوجة الغشوم .. ثمانية عشر عاما مرّت على رحيل علي كيمياوي والمعتوه عدي والمعتوه قصي .. ثمانية عشر مرّت على رحيل المجرمين برزان ووطبان وسبعاوي .. وتشاء الإرادة الالهية أن يكون يوم سقوط الصنم في نفس اليوم الذي الذي أعدم فيه الشهيد السعيد محمد باقر الصدر ..
وماذا بعد سقوط الفاشية البعثية ؟ هل نجح النظام الجديد الذي أعقب سقوط الديكتاتورية في إرساء نظام ديمقراطي حقيقي ؟ وهل نجح النظام الجديد في تحقيق الأمن والاستقرار للشعب العراقي الذي أنهكته حروب نظام صدّام العبثية ؟ وهل نجح النظام الجديد في إعادة بناء الجيش والأجهزة الأمنية على أسس وطنية ؟ وهل نجح النظام الجديد في القضاء على الطائفية التي زرع بذورها نظام صدّام المجرم ؟ وهل نجح النظام الجديد في إعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب ؟ وهل نجح النظام الجديد في إصلاح نظام التعليم في العراق بجميع مراحله ؟ وهل نجح النظام الجديد في تحسين المستوى الصحي لأبناء الشعب العراقي ؟ وهل نجح النظام الجديد في توفير الماء الصالح للشرب والكهرباء في عموم مناطق العراق عدا كردستان ؟ وهل نجح النظام الجديد في القضاء على البيروقراطية وأساليب الإدارة القديمة القائمة على أساس المحسوبية والمنسوبية ؟ وهل نجح النظام الجديد في توفير فرص عمل للخريجين من الجامعات والقضاء على البطالة المتفشية في المجتمع ؟ وهل حسّن النظام الجديد حياة الناس ومستواهم الاقتصادي والمعيشي ؟ .. ما الذي نجح فيه النظام الجديد الذي أعقب سقوط الفاشية ؟؟؟
الحقيقة أنّ النظام الجديد الذي خلّف نظام صدّام المجرم قد نجح نجاحا باهرا في تحقيق الفرقة والكراهية بين أبناء الشعب الواحد .. ونجح نجاحا باهرا في القضاء على الروح الوطنية عند عامة العراقيين .. ونجح في تحويل الولاء من الوطن إلى الطائفة , ثمّ إلى الحزب ثم إلى المليشيا الخارجة عن القانون ثمّ إلى قائد هذه المليشيا .. ونجح في إرساء أقوى منظومة أخطبوطية للفساد في تأريخ العالم .. ونجح في تسليم مقدرات الناس بيد أكثر الناس فسادا وتحلّلا وانحطاطا .. ونجح في سرقة موارد الشعب وموارد أجياله القادمة .. ونجح في جعل القانون والقضاء في خدمة الحاكم الفاسد .. ونجح في إرساء أبشع نظام للمحاصصات القومية والطائفية والحزبية .. ونجح في بناء ديمقراطية قائمة على تزوير إرادة المجتمع .. ونجح في تقديم أسوأ نموذج للنظام الاتحادي في العالم .. ونجح في زرع حالة اليأس عند عامة أبناء الشعب من أي إصلاح حقيقي للنظام الفاسد .. ونجح في إيصال الفاسدين وأعوان النظام الديكتاتوري السابق إلى هرم السلطة العليا .. ونجح في جعل الكثير من العراقيين يترّحمون على الديكتاتور المجرم صدّام .. وأخيرا وليس آخرا نجح في زرع الخوف والرعب عند عامة العراقيين من العصابات المسلّحة الخارجة عن القانون .. هذا هو حال الشعب العراقي في ظل النظام الجديد القائم ..