لا تخطيط مركزي لقطاع السكن صعود جنوني لأسعار العقارات في بغداد: بيئة ملائمة لغسيل الأموال
11-يناير-2023

حوّل تراخي دور الأجهزة الرقابية وغيابها في العراق العقارات إلى بيئة ملائمة لغسيل الأموال عن طريق شراء العقارات والأراضي الزراعية؛ مما جعل عقارات العاصمة بغداد هدفا للمتهمين بالفساد وسرقة المال العام.
ويعزو مراقبون ارتفاع أسعار عقارات بغداد -بنسبة تجاوزت 50% لتزيد عن أسعار مثيلاتها في بلدان مجاورة- إلى وجود عمليات تبييض أموال، لا سيما بعد إدراج عدد من الشخصيات السياسية.
بينما تُقدِّر وزارة التخطيط وأجهزتها الإحصائيَّة وصول سكان العراق إلى 42 مليون نسمة في العام 2022، تزحف أزمة السكن من عام إلى آخر متحولة إلى كرة ثلج، مع تقديرات أولية تشير إلى حاجة البلاد إلى أربعة ملايين وحدة سكنية لحلِّ أزمة السكن، ثم البدء بالتوسع بقاعدة بناء لا تقل عن مئة ألف وحدة سنوياً.
وعلى مدى سنوات عدة، كان العراق من ضمن قائمة الدول شديدة المخاطر في مجال غسل الأموال، إلا أن الحكومة العراقية أعلنت في التاسع من يناير/كانون الثاني 2022 رفع اسم البلد من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول ذات المخاطر العالية في مجالي مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
هذا وأشار مختصون في الشأن الاقتصادي غياب التخطيط المركزي لقطاع السكن، على الرغم من تنامي الأزمة، مشيرين إلى أن عملية التجزئة للمنازل شوَّهت الشكل العمراني للمدن.
الخبير الاقتصادي محمد النجار بين أن «العراق يحتاج إلى حلول سريعة يمكن أن تغيِّر شكل الاقتصاد الوطني في ظل توفر معطيات النجاح من موارد طبيعية وبشرية تعزز من إمكانية تحقيق الأهداف».
لافتاً إلى أن «أبرز الحلول لمشكلة الاقتصاد الوطني تتمثل بالتركيز على تنمية قطاع مهم كقطاع السكن، الذي بدوره يقود إلى تنمية قطاعات أخرى لارتباطها بحياة المواطن».
وبيَّن أنَّ «توفر السكن الجيد يقود إلى المطالبة بتعليم أفضل وخدمات صحية متطورة وغيرها من الأمور الحياتية وبالنتيجة نستطيع أن نطوّر القطاعات الأخرى ونبدأ بتنمية حقيقية».
وقال النائب مصطفى سند "شبكات المال القذر خالطت المال النظيف؛ عقارات وفنادق ومجمعات تجارية وصيرفة وغيرها، وشاركت ذلك أو اشترت من رجال أعمال لا علم لهم بمصدر الأموال ولا ذنب لهم قانونا. وجهة نظري هي عدم معاقبة الجميع بسبب تسمم دم المال في جسد الاقتصاد، نحتاج الى جراح محترف".
ويجيب أحد أصحاب شركات العقارات في بغداد أن الأسعار في تزايد مستمر بسبب الطلب المتنامي، لافتاً إلى وجود طلب متزايد من قبل الطبقات الوسطى على المساحات الصغيرة التي تتراوح بين 50 متراً مربعاً و100 متر مربع، على الرغم من تجاوز سعر المتر الواحد ثلاثة ملايين دينار (نحو 2100 دولار) في بعض المناطق.
ويضيف أن "الاستثمار في العقارات بات أكثر أماناً، فبعضهم يشتري للاستثمار وهناك آخرون يشترون بغرض المتاجرة، وبعضهم للسكن"، مضيفاً أن "هناك نسبة مرتفعة من الزبائن هي ممن يبيعون منازلهم في مناطق أخرى كي يسكنوا في مناطق خدماتها جيدة أو بعيدة من التجاوزات".
ويلفت إلى أن "هناك عقارات بيعت بأسعار خيالية، بملايين الدولارات، في بعض المناطق الراقية في العاصمة، لا سيما في الجادرية والمنصور والمأمون والقادسية في جانب الكرخ وزيونة في جانب الرصافة".
وتعزو المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، سلام سميسم، ارتفاع أسعار العقارات في بغداد إلى أن "أصحاب الأموال يستثمرون في العقارات، ما رفع الأسعار، لا سيما في ظل محدودية الوحدات السكنية في العراق".
وتضيف سميسم أن "هناك كمية كبيرة من النقود المطروحة في السوق لأناس لديهم سلطة وقوة اقتصادية، ويعمل هؤلاء في استثمار الأموال داخل السوق العراقية في مجال السكن الذي يمثل أزمة حقيقية للمواطن العراقي". وتلفت إلى أن "محدودية عدد العقارات والمساكن وقلة العرض أدتا إلى ارتفاع الأسعار".
وتشير سميسم إلى أن "هناك كثيرين من أصحاب الأموال يتخوفون من أن تخرج أموالهم من العراق بسبب العقوبات الاقتصادية، فبدأوا يستثمرون أموالهم داخل العراق"، مشيرة إلى أن "سعر أصغر شقة في ضواحي بغداد تجاوز 180 ألف دولار، فيكون سعر المتر المربع الواحد نحو ألف دولار، وإذا ما بيعت أكثر من مرة يتضاعف سعرها".