
محمد عبد الجبار الشبوط
على مدى ١٠٠ عام ارتكبت طبقة الحكام في المجتمع العراقي العديد من عيوب التأسيس واخطاء الممارسة التي كانت نتيجتَها دولةٌ ريعية، ومجتمع غير منتج، ومواطن سلبي، واقتصاد احادي، ومواطنة غائبة، وديمقراطية مغيبة، وفقر بنسبة عالية، وبطالة مثلها، وخدمات معدومة، وتقاليد بالية، واخيرا حكومة تزعم انها غير قادرة على دفع رواتب موظفيها، الحاليين والمتقاعدين، وغير قادرة على تمويل عملياتها ومشاريعها.
وتتحمل كل فترة من فترات الحكم المختلفة جزءاً من المسؤولية عن الحالة التي وصل اليها العراق الان. وهذا يشمل الحكم الملكي كما يشمل الحكم الجمهوري بفتراته الثلاث المعروفة: العسكرية والبعثية والتوافقية على اساس المحاصصة الحزبية والقومية والطائفية.
والان جاءت حكومة الكاظمي، وهي اخر افرازات طبقة الحاكمين الحالية وجزء منها، لكنها تبرأت من كل الحكومات السابقة، وحملتها المسؤولية الكاملة لما حصل، كما تكرر ذكره في "الورقة البيضاء" وفي تصريحات رئيسها، فقلنا لعل الحكومة الجديدة تحمل الحل الاخير، خاصة وانها تتعكز على تظاهرات تشرين الاحتجاجية.
لكن "الخيط الاسود" للحل المنتظر لمشكلات العراق بان في صفحات "الورقة البيضاء" واجراءات الحكومة اللاحقة، واذا هو يحمّل طبقة المحكومين (اي عامة الناس) مسؤولية دفع كلفة الحل، بعد ان حمّل الحكومات السابقة مسؤولية الفشل.
واذا كانت الدولة تعاني من ضائقة مالية بسبب انخفاض اسعار النفط، وهي افضل مما كانت عليه في زمن العبادي وعادل عبد المهدي، فان على طبقة المحكومين ان تتحمل عبء هذه الضائقة عن طريق الضرائب المستجدة، وتخفيض سعر الدينار، واستقطاعات الرواتب، وارتفاع الاسعار، مع استمرار البطالة، وانعدام فرص العمل، وغياب المشاريع الاستثمارية.
قُدّمتْ افكارٌ كثيرة للحكومة للخروج من الضائقة المالية، لكنها فضلت عدم الاخذ بها، لان هذه الحلول على تلقي العبء على الشعب، وذهبت الى حلولها الكارثية، التي تزيد الفقير فقرا، دون ان تتضمن الحل الحقيقي للمشكلة. ولسان حال الشعب يقول: لماذا اتحمل مسؤولية سوء ادارة الحاكمين؟ ولماذا ادفع فاتورة "الاصلاح" المزعوم؟!
هذه الحكومة ذكية اذاً! فلا هي مسؤولة عن الفشل ولا هي مسؤولة عن الحل.
ما شاء الله!!