ماذا سيفعل السوداني؟ الحكومة تعتزم تخفيض أسعار الدولار وسببان يقفان وراء عدم المباشرة بالإجراءات
22-يناير-2023

استبعد مختصون بالاقتصاد، أي توجه حكومي بتثبيت سعر صرف الدولار عند ارتفاعه الحالي، وعزوا ذلك الارتفاع إلى خضوع البنك المركزي مؤخرا لنظام الحوالات العالمي، وهو ما لم يكن يطبقه رغم الإنذارات الأمريكية، فيما أكدت اللجنة المالية النيابية ، أن ارتفاع الدولار هذه الأيام يختلف تماماً عن ارتفاعه عام 2021، فهو جاء بسبب واشنطن نفسها بحسب تعبيرها.
ويقول الباحث المختص بالاقتصاد، نبيل التميمي، إن "مسألة وجود نية حكومية لرفع سعر صرف الدولار غير واردة، فالذهاب بهذا الاتجاه حدث سابقا بسبب تدهور الموقف المالي في سنة 2020، وإن كانت هذه الخطوة مثيرة للخلاف والجدل".
ويضيف التميمي، أن "الموقف المالي اليوم، مختلف إذ يسجل العراق سابقة تاريخية، فالاحتياطي عال ويقارب 100 مليار دولار مع وجود فائض نقدي حكومي"، مشيرا إلى أن "الموقف المالي من العملة الصعبة ممتاز أيضا، ولكن موضوع سعر الصرف متعلق بقضية الإرباك باستبدال الأموال من الدولار إلى الدينار والعكس، بسبب الحوالات".
وفيما يرى أن "الاتجاه الحكومي هو نحو تخفيض سعر الصرف"، يؤشر أن "هناك عقبات تقف بوجه هذا الاتجاه بسبب زيادة الإنفاق والتعيينات الأخيرة".
ويرجع التميمي انخفاض مبيعات البنك المركزي إلى "وجود مشكلة في الحوالات، فالمبيعات عبارة عن حوالات، والحوالات التي لا تمرر ترفض"، لافتا إلى أن "البنك المركزي لم يهمل الموضوع ودعا المصارف إلى شراء الدولار وإبقائه في البنك المركزي".
هذا وأكدت اللجنة المالية النيابية، أن ارتفاع الدولار هذه الأيام يختلف تماماً عن ارتفاعه عام 2021، فهو جاء بسبب واشنطن نفسها، وبدون وسيط، والغرض هو منع الدولار من الدخول للعراق بالأساس، لغرض معاقبته معاقبة خفيفة.
وقال النائب عن اللجنة مصطفى سند إن "ارتفاع اسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي بدء منذ 2021 وجاء بسبب "الحكومة الصديقة لأمريكا".
وأضاف أن "احتياطي العملة الأجنبية في البنك المركزي العراقي والمودع لدى الفدرالي الأميركي يتجاوز 100 مليار دولار وبتصاعد مستمر"، لافتاً إلى أنه "يصعب على بغداد التصرف بهذا الرقم الكبير، حيث سمحت أمريكا بخمس شحنات شهرياً من الدخول للبلد".
وشدد على أنه "من الجبُن عدم انتقاد الحكومة الحالية والبرلمان الحالي لتفرجهم على ارتفاع الدولار وأثره على الناس، خاصة وأن رئيس الوزراء الحالي والنواب الحاليين ومن ضمنهم (أنا) قد تصدينا لملف الدولار بوقت سابق وانتقدنا بشدة الارتفاع الحاصل في وقتها, واليوم تكاد تخرس ألسنتنا".
واستدرك: "لكن من الجبُن والدونية عدم انتقاد الدور السلبي للأمريكان وتشخيص الدور الاستعماري والابتزاز الدولي، ومنع تحويل أموالنا، وسط صمت غريب من القيادة السياسية".
يذكر أن سعر صرف الدولار مقابل الدينار، بلغ قبل اليومين الماضيين 167 ألف دينار لكل مائة دولار، بعد أن شهد تذبذبا خلال الشهر الفترة الأخيرة، وتراوح بين 153 – 160 ألف دينار لكل مائة دولار.
وخلال الفترة الماضية، خضعت المصارف العراقية، إلى ضوابط صارمة للحد من تهريب العملة خارج البلد، وذلك بإشراف أمريكي، لاسيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المصارف، وذلك بعد فرض عقوبات على 4 مصارف مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، ومنها مصرف الشرق الأوسط، ما تسبب برفع سعر صرف الدولار في السوق المحلية.
إلى ذلك، تتفق الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، مع التميمي، في استبعاد "أية نية غير معلنة لرفع سعر الصرف، كون العراق الآن يمتلك وفرة مالية، لكن التناغم منعدم بين السياسة المالية التي تخص الرواتب وتعيينات وزارة المالية والسياسة النقدية التي تخص البنك المركزي".
وعن انخفاض مبيعات البنك المركزي، ترى سميسم، أنها "قضية خارجية تتعلق بالعقوبات الأمريكية والتي لم يتابعها البنك المركزي على الرغم من تسلمه أكثر من إنذار ولم يبد أي اهتمام، وكان الأحرى بالبنك المركزي أن يوقف التعامل بالدولار مع هذه المصارف، لكنه فعل العكس، استمر بإعطائهم الأموال ما أدى إلى قطع إمدادات الدولار عن هذه المصارف أو منعها من تداوله من البنك الفيدرالي ولذلك ظهرت هناك تسريبات باحتمالية أن تكون هناك بنوك أخرى فالتزم البنك المركزي بالقوانين الدولية".
وتضيف أنه "على الرغم من نظام الفلترة الالكترونية الذي يعمل به البنك المركزي الآن وهو نظام ألزم على العمل به، لكن مازالت هناك شركات تهرب الدولار ولذلك يجب أن تكون هناك شفافية وحوكمة ولكن مازلنا بعيدين عن ذلك".
ولا تعتقد سميسم، أن "الحكومة تمتلك من الذكاء الذي يجعلها تتخذ هذا المسار من أجل تقليل العجز الذي قد يحصل بسبب التعيينات، وقد تكون وزارة المالية اقترحت هذا، لكنها حتى الآن لم تأخذ الضوء الأخضر من وزارة الخزانة الأمريكية".