ملوّثات الأنهر باتت تقتل الحيوانات...مياهٌ قاتلة.. خطر صحي محدق بسكّان العراق
19-يناير-2022

يوماً بعد آخر، يفقد نهرا دجلة والفرات جانباً كبيراً من صفاء مياههما، خاصة في المدن العراقية الكبيرة التي يمرّان منها، حيث تتزاحم عليهما أنابيب مياه الصرف الصحي الثقيلة والمنشآت الصناعية المشيّدة بالقرب منهما، وبدا ذلك أخيراً واضحاً بفعل تراجع مستويات النهرين، بعد سلسلة مشاريع السدود التي شيّدتها تركيا، وتحويل إيران مجرى عدد من روافد دجلة بشكل يحول دون وصولها إلى النهر.
وفي الوقت الذي يؤكّد فيه مسؤولون لكل الأخبار أنّ معدلات السرطان المتصاعدة في البلاد ليست نتيجة الحرب وآثار الأسلحة فقط، بل لها أسباب بيئية أيضاً، منها ما هو متعلّق بالمخلّفات التي تُرمى يومياً في دجلة والفرات، تقرّ وزارة الصحة العراقية بأنّ مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي الثقيلة وغير المعالجة تصبّ يومياً في نهري دجلة والفرات، مؤكّدة، في إيجاز صحافي سابق لها، أنّ ملف الصرف الصحي والمخلّفات في نهري دجلة والفرات بات مشكلة تؤرق المؤسسات الصحية المختصّة بشكل كبير.
بدوره، أوضح مدير مركز البحوث البيئية الدكتور حميد جاسم أن "سكّان بغداد يتأثّرون بالفعل من الأمر، رغم اعتماد غالبيتهم على المياه المعبّأة للشرب والطبخ، لكن هناك شريحة فقيرة تشرب من مياه الإسالة الحكومية، وهذه الفئة أكثر عرضة لمشاكل صحية بفعل المخلّفات الثقيلة التي تُرمى في الرافدين (دجلة والفرات)".
ولفت إلى أنّ "العراق بحاجة إلى محطّات لمعالجة الصرف الصحي ومياه المعامل والمصانع والمستشفيات وغيرها، كونها الأخطر على النهرين، لكن هذا كله يُرمى يومياً في النهر من دون معالجة.
وأضاف أنّ سكّان المدن التي تقع عند نقطة دخول دجلة والفرات إلى العراق أقلّ عرضة للسرطان من سكان تلك التي هي داخل العراق، كما في مدن أعالي الفرات في الأنبار ودهوك والموصل، كما يلاحظ أنّ الثروة السمكيّة باتت مهدّدة بشكل غير مسبوق بفعل هذه المخلّفات، التي صارت تقتل الكائنات الحيّة في الأنهر.
يقول مواطنون إن "رائحة النهر أحياناً تزكم الأنوف بسبب الملوّثات التي يحملها، نرى بأعيننا بقعاً من الزيت تطفو على سطح النهر ومواد بلاستيكية وحيوانات نافقة".
وأضافوا: "لهذا السبب لم يعد العديد من الناس يتنزّهون عند ضفاف الأنهر، حتى هواة صيد السمك لم نعد نراهم بأعداد كبيرة مثل السابق".
وفي سياق، ذلك، يقول عبد الرحمن الزبيدي، الخبير البيئي إنّ أبرز معالم العراق الاقتصادية والسياحية والبيئية باتت تمثّل خطراً كبيراً على الإنسان بالدرجة الأولى. ويتحدّث الزبيدي عن الأنهر التي تحوّلت، وفق قوله، إلى مصدر موت بعد أن كانت مصدر حياة.
وتابع حديثه قائلاً: "هناك ملوّثات تصبّ في الأنهر، على امتدادها بالبلاد، وكلّما شقّ النهر طريقه داخل أراضي العراق زادت نسبة تلوّثه".
وأكّد أنّ "دراسات عديدة تطرّقت لما تعانيه الأنهر، خاصة دجلة والفرات وشطّ العرب".